التراب على الصفوان
قال تعالى بسورة البقرة "يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الأخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شىء مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"والله لا يهدى القوم الظالمين "وقوله بسورة آل عمران"فإن الله لا يحب القوم الكافرين"وقوله بسورة العنكبوت"اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر"وقوله بسورة الأنبياء"لا يستطيعون نصر أنفسهم "فيؤمن تعنى اعبدوا الله وتعنى ارجوا اليوم الأخر كما بسورة العنكبوت وعدم القدرة على شىء من الكسب هو عدم نصر النفس كما بسورة الأنبياء ويهدى تعنى يحب كما بسورة آل عمران والكافرين تعنى الظالمين كما بسورة البقرة ومعنى الآية يا أيها الذين صدقوا بوحى الله لا تحبطوا نفقاتكم بالفخر والضرر كالذى يصرف ملكه ارضاء للخلق فشبهه كشبه حجر عليه تراب فمسه مطر فجعله صخرا لا يستطيعون رد عقاب الذى صنعوا والله لا يثيب القوم الكاذبين ،يطلب الله من الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله ألا يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى والمراد ألا يحبطوا عطاياهم بالفخر على الأخذين وإلحاق الضرر بالأخذين وهذا يعنى أن ثواب العطايا يزول بسبب المن والأذى ومثل أى شبه و هذا يعنى أن الله شبه هذا المبطل لثوابه بالذى ينفق ماله رئاء الناس والمراد بالذى يصرف من ملكه إرضاء للخلق وليس إرضاء لله وهو لا يؤمن أى لا يصدق بالله أى بحكم الله واليوم الأخر أى يوم القيامة ومثل أى شبه المنفق ماله رئاء الناس كمثل أى كشبه صفوان عليه تراب والمراد كحجر عليه غبار يغطيه فأصابه وابل والمراد فنزل عليه مطر فتركه صلدا أى فجعله صخرا على طبيعته وهى كونه جامد قاسى وأصل التشبيه هو المتصدق هو الحجر وانفاقه هو التراب الذى يغطى حقيقته وأما الوابل فهو الوحى الذى أظهر حقيقة المتصدق وهى كونه قاسى القلب ،ويبين الله لنا أنه لا يهدى القوم الظالمين والمراد لا يرحم القوم الكافرين بحكم الله