جريان الأنهار تحت الجنات
قال تعالى بسورة البقرة ""وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون"قوله وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات "يفسره قوله بسورة الزمر "فبشر عباد الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه "فالذين يبشرهم النبى (ص)هم المؤمنين العاملين للصالحات أى المستمعين القول المتبعين أحسنه ومعنى القول وأخبر أى وأفرح الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات ولكن بما يخبرهم ؟ يجيب الله فيقول"أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار" ومعنى القول حسب سورة البينة "جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجرى من تحتها الأنهار"فثوابهم هو جنات عدن التى تسير فى أرضها العيون ومعنى القول هو أن لهم حدائق تسير فى أرضها العيون والتعبير بجريان الأنهار من تحت الجنات يعنى أن مجارى الأنهار أسفل من أرض الجنات وما دامت أسفل منها فهى تحتها وقوله "كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشابها "يعنى كلما أعطوا من الجنات من متعة نفعا قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وجيئوا به متماثلا ،يبين الله لنا أن المسلمين كلما أعطاهم خدم الجنة من الجنات ثمرة أى متعة لينتفعوا بها قالوا لبعضهم البعض :هذا الذى أعطينا من قبل فى مرات العطاء السابق وهذا يعنى أن الخدم يأتونهم بالثمار متشابهة لا يفرقون بينها بسبب تماثلها فى الشكل واللون وغيره ،وقوله "ولهم فيها أزواج مطهرة "يفسره قوله بسورة الدخان"وزوجناهم بحور عين "فالله يزوج المسلمين بزوجات طاهرات هن الحور العين ومعنى القول ولهم فى الجنات زوجات زكيات ،" وهم فيها خالدون "يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"فخلود المسلمين يعنى مكوثهم أى بقائهم فى الجنة دون موت ومعنى القول وهم فيها باقون ونلاحظ أن الخطاب يا محمد أو يا أيها النبى أو الرسول محذوف دون وجود داعى خاصة أن ما قبلها يخاطب الناس ومعنى الآية وأخبر يا محمد الذين صدقوا حكمى وفعلوا النافعات أن لهم حدائق تسير فى أرضها العيون كلما أعطوا من الجنة متعة قالوا هذا الذى أعطينا من قبل وجيئوا به متماثلا ولهم فيها زوجات زكيات وهم فيها باقون لا يخرجون ولا يموتون .
قال تعالى بسورة آل عمران"قل أؤنبئكم بخير من ذلكم مثوبة للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنعام "لهم دار السلام عند ربهم"فالمثوبة وهى الجنات هى دار السلام وقوله بسورة الحجر"وما هم منها بمخرجين"فخالدين تعنى أنهم لا يخرجون من الجنة وقوله بسورة الدخان "وزوجناهم بحور عين"فالأزواج المطهرة هى الحور العين وقوله بسورة الإسراء"إنه كان بعباده خبيرا"فالبصير هو الخبير بالعباد والمعنى قل هل أخبركم بأفضل من ذلكم جزاء للذين أطاعوا حكم خالقهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها ولهم زوجات زكيات أى رحمة من الرب والله خبير بالخلق ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يسأل الناس"أؤنبئكم بخير من ذلكم مثوبة"؟والمراد هل أخبركم بأحسن من متاع الدنيا ؟وهو السابق ذكره فى الآية السابقة ويطلب منه أن يجيب قائلا:للذين اتقوا وهم الذين اتبعوا حكم الله عند ربهم أى لدى خالقهم فى الأخرة جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون وهى مجارى السوائل المشروبة من ماء وخمر ولبن وعسل ووصفت بأنها من تحتها لأن مجارى العيون تكون دائما أسفل من الأرض حولها ولهم فيها أزواج مطهرة أى زوجات زكيات أى حور عين وفسر الله الجنات بأنها رضوان من الله أى رحمة من الرب للمتقين ،ويبين لهم أنه بصير بالعباد والمراد عليم بما يعمل الخلق فى كل وقت
قال تعالى بسورة آل عمران"فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا فى سبيلى وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما كان الله ليضيع إيمانكم "فالعمل يعنى الإيمان الذى لا يضيع وقوله بسورة التوبة"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"فكون بعضنا من بعض هو أننا أولياء بعض وقوله بسورة الأنفال"وأن الله عنده أجر عظيم"فالثواب عند الله هو الأجر والمعنى فرد عليهم إلههم أنى لا أخسر صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم أنصار بعض فالذين انتقلوا من بلادهم وطردوا من بلادهم وأضروا فى نصر دينى وحاربوا واستشهدوا لأمحون لهم ذنوبهم ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها العيون أجرا من لدى الله والله لديه أفضل الأجر،يبين الله لنا أنه استجاب لأولى الألباب والمراد ردا عليهم مجيبا طلباتهم فقال:أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى والمراد أنى لا أحبط فعل فاعل منكم أى لا أخسر ثواب صنع صانع منكم من رجل أو امرأة بعضكم من بعض والمراد بعضكم أنصار للبعض الأخر منكم فالذين هاجروا أى انتقلوا من بلادهم وأخرجوا من ديارهم أى وطردوا من بلادهم فانتقلوا منها وأوذوا فى سبيلى أى وأضروا فى نصر دينى بمختلف أنواع الضرر وقاتلوا أى وجاهدوا لنصر دينى وقتلوا أى واستشهدوا فى نصر دينى لأكفرن عنهم سيئاتهم والمراد لأغفرن لهم ذنوبهم أى لأتركن عقابهم على جرائمهم ولأدخلنهم جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد ولأسكننهم حدائق تسير فى أرضها عيون السوائل اللذيذة ثواب من عند الله أى أجرا من عند الله والله عنده أى لديه حسن الثواب وهو حسن المآب أى أفضل الأجر.
قال تعالى بسورة آل عمران"لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد"المعنى أما الذين أطاعوا حكم خالقهم لهم حجرات من أعلاها حجرات مشيدة تسير من أسفلها العيون قول الرب لا ينقض الرب عهده ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين اتقوا ربهم وهم الذين أطاعوا حكم إلههم لهم غرف من فوقها غرف مبنية والمراد لهم مساكن من أعلاها مساكن مشيدة وهذا يعنى أن بيوت الجنة مكونة من عدة أدوار وهى تسير من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرض الجنة العيون ذات الأشربة اللذيذة وهذا هو وعد الله أى عهد الله والله لا يخلف الميعاد والمراد والرب لا ينقض عهده وهو قوله للناس مصداق لقوله بسورة البقرة"فلن يخلف الله عهده ".
قال تعالى بسورة النساء"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما "المعنى ليس على الكفيف عقاب ولا على الأعرج عقاب ولا على العليل عقاب ومن يتبع الرب ونبيه (ص)يسكنه حدائق تسير من أسفلها العيون ومن يعصى يعاقبه عقابا مهينا ،يبين الله لنبيه (ص)أن ليس على الأعمى وهى الضرير أى فاقد البصر والأعرج وهو صاحب العاهة فى رجله والمريض وهو العليل بأى داء مقعد وهم أولى الضرر حرج أى عقاب إذا لم يخرجوا للجهاد مصداق لقوله بسورة النساء"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله "ومن يطع أى يتبع حكم الله المنزل على رسوله (ص)أى "ومن يتق الله "كما قال بسورة الطلاق يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد يسكنه حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ومن يتول يعذبه عذابا أليما والمراد ومن يعصى حكم الله يعاقبه عقابا مهينا هو دخول النار