انحسار الفرات عن جبل أو كنز من ذهب
من علامات الساعة التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها ستقع قبل قيام الساعة أن نهر الفرات سينحسر عن كنز من الذهب؛ فيقتتل الناس عليه مقتلة عظيمة فلا يبقى من تلك المقتلة إلا أفراد قليلون؛ ولذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قربانه.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ) يوشك الفرات أن يَحْسِرَ عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا (، وفي رواية: ) يَحْسِر عن جبل ذهب (.
وفي رواية عند مسلم: ) لا تقوم الساعة حتى يَحْسِر الفرات عن جبل من ذهب يَقْتتل الناس عليه، فَيُقْتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو (.
ورواه مسلم عن أبي بن كعب بلفظ: ) يُوشِك الفرات أن يَحْسِر عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه لَيُذْهَبَنَّ به كُلِّه، قال: فيقتتلون عليه، فيُقتل من كل مائة تسعة وتسعون (.
ومعنى انحساره: انكشافه لذهاب مائه، كما يقول النووي، وقد يكون ذلك بسبب تحول مجراه، فإن هذا الكنز أو هذا الجبل مطمور بالتراب وهو غير معروف، فإذا ما تحول مجرى النهر لسبب من الأسباب ومرّ قريبا من هذا الجبل كشفه، والله أعلم بالصواب.
والسبب في نهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- من حضره عن الأخذ منه لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والاقتتال وسفك الدماء.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح:
وَتَسْمِيَته كَنْزًا بِاعْتِبَارِ حَاله قَبْلَ أَنْ يَنْكَشِف، وَتَسْمِيَته جَبَلًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى كَثْرَته، وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ: ) تَقِيء الْأَرْض أَفْلَاذ كَبِدهَا أَمْثَال الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَب وَالْفِضَّة فَيَجِيء الْقَاتِل فَيَقُول: فِي هَذَا قُتِلْت، وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدْعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا (. وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّهْي عَنْ أَخْذه لِمَا يَنْشَأ عَنْ أَخْذه مِنَ الْفِتْنَة وَالْقِتَال عَلَيْهِ.